ترقُّب مقدَّس

دروس في الصلاة
نوفمبر 30, 2024
كنز في أوانٍ خزفيَّة
ديسمبر 2, 2024
دروس في الصلاة
نوفمبر 30, 2024
كنز في أوانٍ خزفيَّة
ديسمبر 2, 2024
Show all

ترقُّب مقدَّس

“ٱلْآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلَامٍ، لِأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلَاصَكَ…” (لوقا 2: 29-30)

 نقرأ في الأصحاح الثاني من إنجيل لوقا عن رجل من أورشليم يُدعى سمعان، وهو لم يكن واعظًا أو عالِمَ لاهوت، أو مبشِّرًا مشهورًا. كان سمعان، هذا الرجل المتواضع وغير المشهور، مؤمنًا أمينًا وتقيًّا، وهو كان يراقب الأحداث وينتظر مجيء المسيح، لأنَّ الله كان قد قطع له  وعدًا شخصيًا بألَّا يموت قبل أن يرى مسيح الرب. لذا، بعد أن رأى سمعانُ الطفلَ يسوع في الهيكل، مجَّد الله قائلاً: “ٱلْآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلَام” (لوقا 2: 29).

“ٱلْآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ”- هذه الصلاة البسيطة التي تعبِّر عن الثقة بالله أثَّرت في الملايين عبر التاريخ. من السهل أن نفكِّر أنَّ الله قطع هذا الوعد لسمعان لأنَّه رجل مميَّز، لكنَّ الحقيقةَ هي أنَّ سمعان كان رجلًا عاديًّا مارس إيمانه بكلِّ بساطة، وأمام كلٍّ منَّا فرصة للإيمان مثله. في الواقع، نرى أنّ العديد من النهضات العظيمة عبر التاريخ أشعَلَها أشخاص غير معروفين لكنَّهم مؤمنون أمناء. وقصَّة سمعان مؤثِّرة لأنَّ أملَه لم يَخِب، وهو لم يعلّق آمالًا غير واقعية على قوى عاجزة عن تلبية أعمق رغباته. فهو لم يضع رجاءه في روما، ولا في أورشليم، ولا في رجال السياسة، ولا في الاقتصاد. لم يتَّكلِ سمعان على برِّه وإخلاصه لله. كانت آماله واقعيَّة لأنَّها راسخة في الوحيد الذي يفي بوعوده، وهو الربُّ القدير.

لقد قطع الله لكَ أنت أيضًا وعودًا ثمينة يمكنُك انتظارُها بترقُّب. نجد بين هذه الوعود وعودًا عامَّة يمكن للمؤمنين إعلانها، ومنها “آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ”  (يوحنا 14: 3)، ووعودًا مرتبطة بظروف معيَّنة، ومنها “اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ” (متى 7: 7)، بالإضافة إلى وعود شخصيَّة. هنا، يجب أن نحرص على سماع صوت الله فعلًا من كل قلوبنا وعقولنا لئلَّا نخدع أنفسنا ونخلط بين صوتنا وصوت الله.

لقد وثق سمعان بأسمى وعدٍ أعطاه الله للبشريَّة، وهو الوعد بمجيء المخلِّص ليخلِّص العالم، وهو تمسَّك بهذا الوعد. إذًا، عندما حقَّق الله الوعد الشخصي لسمعان بأن يرى خلاص الله، والوعد العام بمجيء المسيح، استطاع سمعان القول، “الآن، أستطيع أن أنطلق بسلام”. عندما تنتظر بترقُّب أن تتحقَّق وعود الله الواردة في كلمته، لن يخيب أملك أبدًا.

صلاة: أبي السماوي، أشكرك لأنَّك أرسلت ابنك في أوَّل عيد ميلاد. أشكرك لأجل مثال سمعان الذي وثق بوعودك، وانتظر المسيح، فكافأتَه بسلامِك. أعطِني هذا الإيمان. أصلّي باسم يسوع. آمين.