الهروب إلى ترشيش
يونيو 14, 2021
storm
العواصف التي نتسبَّب فيها
يونيو 22, 2021

استسلم لرؤية الله

“وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ” (1بطرس 2: 9)

لم تكن دعوة الله ليونان للشهادة لأهل نينوى مهمة سهلة؛ فهم لم يكونوا وثنيين مسالمين ومتساهلين. كانت هذه المدينة الكبيرة هي عاصمة الإمبراطورية الآشورية القديمة، ويُعرف شعبها بعنفه وقسوته. سرعان ما نسي يونان سيادة الله وعنايته واستسلم لذعره ومخاوفه، فهرب بعيدًا عن الله قدر استطاعته في الاتجاه المعاكس لدعوته. كانت نينوى في العراق الحالي، وكانت ترشيش في إسبانيا الحالية.

لكن مشكلة يونان لم تكن جغرافية، بل روحية. كانت ترشيش هي المكان الذي اختاره يونان، وليست اختيار الله. تمثل ترشيش بالنسبة لنا المكان الذي نعتقد أنه يمكننا أن نخدم فيه الله وأنه حيثُ نريد أن نكون. إنه المكان الذي نقول فيه “يارب، كل الأماكن تشبه بعضها البعض، وهذا المكان به الكثير من العمل، وأنا أريد أن أخدم به”، كما لو أننا نعرف أفضل من الكُلِّي المعرفة والكُلِّي الحِكمة.

ترشيش هو ذلك المكان في حياتك الذي تجد فيه ما تريد، وتشعر فيه بالراحة والدفء. إنه مكان لا تواجه به أي تحدِّيات، ولا تخاطر فيه بأي شيء من أجل الله. تبدو ترشيش سهلة وجذابة ومغرية. وهكذا، فإن هروب يونان من دعوة الله لحياته لم يكن مصادفة، بل كان أمرًا محسوبًا.

وجد يونان سفينة، ففكر في خطة بديلة ونفذها، لكن مع الله لا توجد خطط بديلة، بل هي خطة واحدة. يجب ألا نهرب من مشيئة الله وألا نحاول تقديم المبررات لتغيير المسار، فنحن مدعوون للثقة به ودخول المعركة والخدمة في الظروف الصعبة.

لم يعدنا الله بحياة سهلة، بل وعدنا بحياة غنية بحضوره فيها. كثيرًا ما أسمع أناس يقولون “الله يريدني أن أكون سعيدًا”، لكن، أيها المؤمن، الله يريدك أن تكون مقدسًا.

هل أعطاك الله رؤية لا تعجبك أو تريد أن تهرب منها الآن؟ هل أنت في طريقك إلى نينوى، أم أنك في السفينة المتجهة إلى ترشيش؟ تذكَّر “أَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا.. بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ” (2تيموثاوس 1: 7-8).

صلاة: أشكرك يا رب من أجل رؤيتك لحياتي. امنحني روح طاعة، واحمني من تجاهُل صوتك بسبب الخوف أو الضعف أو حتى الازدراء. امنحني روحًا راغبة في الخضوع الكامل لرؤيتك لحياتي. أُصلِّي في اسم يسوع. آمين.