كُن مثالًا للنعمة والحق
نوفمبر 13, 2020
فرح الشهادة
نوفمبر 15, 2020

امكُث عند البئر

“كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ ” (يوحنا 4: 13-14).

عَرَضَ لنا يسوع مثالًا لكيفية مشاركة الخبر السار مع آخرين من خلفيات مختلفة، وكانت وسيلته في ذلك هي المحبة. في قصة المرأة السامرية في يوحنا 4 نرى يسوع يضع جدول أعماله جانبًا، ويقضي وقتًا مع المرأة، ويطرح عليها الأسئلة. لم يُدِنْها يسوع ولم يتغاضَ عن خطيتها، لكنه قدَّم لها رجاء الحياة المُستَسلِمة لله. يدعونا يسوع أيضًا لإتمام ارساليته العظمى بنفس وسيلته، أي بمحبته.

شعر اليهود التقليديون بالاشمئزاز من الطريقة التي مزج بها السامريون المعتقدات اليهودية بعبادة الأوثان، لذلك عندما شرع يسوع في السير من أورشليم إلى الجليل، كان يمكن أن يُنتقَد لأنه ما كان عليه أن يسلك الطريق الذي يستغرق يومين ونصف اليوم عبر السامرة، فغالبية اليهود كانوا يسلكون طريقًا يستغرق خمسة أيام في الصحراء الحارقة لتجنُّب مقابلة السامريين.

ولكن في يوحنا 4: 4-26، سافر يسوع إلى قلب السامرة وهناك توقف ليستريح عند بئر، ومن الواضح أنه لم يتجنب السامريين. وعلى الرغم من أنه كان مُتعبًا من رحلته، إلا أنه انتظر امرأة مرذولة ومكروهة من الجميع. لقد كانت امرأة مكروهة بسبب ولادتها في السامرة، ولكونها أنثى، فقد كان ذلك يُعتبر أمرًا رديئًا في تلك الأيام، وبسبب سوء أخلاقها وسُمعَتِها. وبرغم كل ذلك، كانت هذه هي المرأة التي جلس المسيح ابن الله ينتظرها عند البئر.

قال يسوع لهذه المرأة: “لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا” (يوحنا 4: 10)، فتحدته قائلة: “يَا سَيِّدُ، لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ، الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ”. أجابها يسوع في محبةٍ “أنت تتحدثين عن ماء راكد، ماء ليس به حياة، أما أنا فأتحدث عن ماء حيّ، ماء يُرويك طوال حياتك.” في الواقع، الكلمة التي استخدمتها المرأة لوصف الماء تعني الماء الراكد في خزَّان، أما كلمة يسوع للماء فتعني ينبوع ماء حيّ مُنعِش دائِمًا.

مَكَثَ يسوع عند البئر لأنه كان يعلم أن ماء العالم لا يمكن أن يُروِي، ولأنه كان يعلم أن هذه المرأة التي تعرضت للأذى والكراهية وكانت يائسة يمكنها أن تجد الارتواء فيه فقط، وأن ماءه الحيّ هو وحده القادر على منحها الحب الحقيقي الذي كانت تبحث عنه.
ولأن يسوع مَكَثَ عند البئر، وكان ودودًا ومتاحًا لإظهار محبة الآب لها، اعترفت هذه المرأة بخطيتها وتابت وقبلت عطيته وتغيرت إلى الأبد، ثم خرجت وبشَّرَتْ بلدتها كلها.

صلاة: يا رب، إن محبتك عجيبة. أشكرك من أجل اعطائي ماءك الحي، وأصلِّي لكي تساعدني أن أشارك كل من تضعه في طريقي بمصدر هذا الماء. أُصلِّي في اسم يسوع. آمين.