خطيَّة استغلال لطف الله
أغسطس 26, 2021
التوقيت هو الأهمّ
أغسطس 28, 2021

تجربة حُبّ السلطة

‘‘لِأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلَا خَطِيَّةٍ’’ (عبرانيين 4: 15).

تبحث البشرية عن طرق مختصرة إلى القمَّة منذ أن قطفت حوَّاء ثمر شجرة معرفة الخير والشرّ الذي حرَّمه الله في جنَّة عدن. وهذا هو التحدِّي الذي واجهه يسوع في البرية. ففي التجربة الثالثة، نراه ينتصر على تجربة حبّ السلطة، مع أنَّه هو الله المتجسِّد المستحق وحده أن ينصِّب نفسه ملكًا.

ذهب يسوع إلى البرية ليثبت تسلُّطه على الشيطان. ففي التجربة الأولى، حثَّ الشيطان يسوع على عدم الثقة بالله الآب، لكنَّ يسوع انتصر عبر استسلامه الكامل لله. ثمَّ جرَّبه الشيطان ثانيةً محاولًا أن يجعله يلوي ذراع الآب، لكن يسوع انتصر عبر الخضوع التام لمشيئة الله. وفي التجربة الثالثة، حاول الشيطان إفساد يسوع.

يذكر إنجيل متى 4: 8-11 أنَّ الشيطان أخذ يسوع إلى جبلٍ عالٍ جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ ٱلْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، وقدَّم له كلّ ما في الأرض من قوَّة وعظمة. هل يمكن أن يغري هذا العرض يسوع، مع العلم أنَّ الله الآب كان قد أعلن قبل ذلك بقليل أنَّه هو ابن الله وأنَّه سيرث الكون كلَّه؟ أين الإغراء في عرض الشيطان؟

لقد استخدم الشيطان مكره ودهاءه ليحثّ يسوع على اختيار الطريق السهل، فقال له: ‘‘لماذا تكلِّف نفسك عناء الانتظار للحصول على ما هو حقّك الشرعي؟ لماذا ستتحمَّل عار الصليب وستبذل ذاتك فيما يمكنك نيل ما تريده الآن؟’’ ومقابل هذا المجد كلِّه، طلب الشيطان طلبًا بسيطًا من يسوع: أن يسجد له!

قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن هذا هو أسلوب الشيطان التضليلي. ولو أنَّ يسوع رضخ لطلبه، لَباع نفسه للشيطان مقابل الحصول على السلطة والمجد الآن، بدون أن يتكبَّد عناء الألم والتضحية لأجل خلاصنا.

لو استسلم يسوع للتجربة الثالثة، لفَقَد أهليَّته ليكون ملك الملوك ومخلِّص العالم، وبدلًا من أن تصرخ الجموع عند أقدام الصليب: ‘‘خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!’’ لصرخ الشيطان: ‘‘لقد خلَّص نفسه، والآن لا يمكنه أن يخلِّص أحدًا!’’ لكنَّ يسوع استشهد بكلمة الله المعصومة من الخطأ، كما فعل في التجربتَين السابقتين، مستهلًّا كلامه بالقول: ‘‘مكتوب…’’، فتركه إبليس مهزومًا.

برهن لنا يسوع، في البريَّة، أنَّ كلَّ مَن يؤمن باسمه ويعيش وفق مشيئته، ينال قوَّة ليهزم العدو. لذا، عندما نتعرَّض لأيّ تجربة، يجب أن نتذكَّر أنَّنا قادرون على الانتصار عليها من خلال الهروب منها والخضوع للمسيح، معلنين كلمة الله المكتوبة لأنفسنا وفي وجه أعدائنا.

صلاة: أبي السماوي، أشكرك لأنَّني قادر على الانتصار على كلّ تجربة من خلال إعلان كلمتك المكتوبة. أنا أتوق إلى معرفة كلمتك وإلى الثقة بسيادتك ومشيئتك. ساعدني أن أنمو في الإيمان بقوَّة روحك القدُّوس. أصلي باسم يسوع. آمين.