4SignsBibleBelievingChurch_2000x833 jpg

الانتماء لكنيسة

إذا كنت تبحث عن كنيسة، هناك أربعة أشياء ينبغي أن تبحث عنها:

لا يمكننا أن نحظى بعلاقة صحيَّة وحيوية مع الرب إذا كنا نتجاهل الكنيسة، فنحن نختبر المسيح، ونلتقي بعائلتنا السماوية، وننمو في المحبة والإيمان من خلال الكنيسة المحلية. لهذا كان يتم نُصح المسيحيين الأوائل في العهد الجديد بالاجتماع معًا بانتظام، مثلما نقرأ في عبرانيين 10: 24-25: “وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا”. ولا يزال هذا النُصح ساريًا حتى اليوم.

على الرغم من أن اجتماعات الكنائس اليوم تبدو مختلفة عن اجتماعات الكنيسة الأولى، إلا أن الغرض من الكنيسة المحلية لم يتغير منذ ألفي عام. من الواضح أن الانضمام إلى كنيسة محلية هو أمر كتابي وحاسم، ولكن كيف نعرف أننا وجدنا كنيسة محلية تؤمن حقًا بما يقوله الكتاب المقدس؟

للأسف، أصبحت بعض الكنائس أسواق تُقدِّم فقط ما يطلبه أعضاؤها من مشاعر ايجابية وطيبة وقبول غير مشروط. في عصر ما بعد الحداثة هذا، من المهم جدًا أن نُكرِّس ونستثمر أنفسنا في كنيسة محلية تؤْمِن حقًا بالكتاب المقدس وتحمل على عاتقها مسئولية تعاليم كلمة الله. دعونا نلقي نظرة على أربعة دلالات واضحة تدل على أن الكنيسة تسعى إلى معرفة الحق الكتابي وتطبيقه، كما يمكننا استخدام هذه المعايير لتحديد متى قد تتجه كنيستنا الحالية إلى منحدر زلق.

أولاً:  يُكْرَزْ بالكتاب المقدس بأمانة من أسبوع لآخر.

إذا ادَّعت كنيسة أنها تؤمن بالله وتطيعه، فيجب عليها أن تقرأ كلمة الله وتُعلِّم بها. يبدو هذا منطقيًا، فقد كتب بولس في 2تيموثاوس 3: 16- 17 “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ”. لذا، فإنه في سعينا لنكون شبه المسيح، ليس هناك مورد أفضل من كلمته لمساعدتنا على ذلك، فالكتاب المقدس جدير بالثقة حقًا، وبدونه سوف نضل.

إذا لم يتم الوعظ بكلمة الله في الكنيسة، فبِم إذن؟ هل يستمع الأعضاء إلى خُطب تحفيزية، أو إرشادات عملية، أو مجرد قصص جيدة؟ إن هذه الأشياء التي قد تبدو بريئة هي تزييف لإنجيل يسوع المسيح الحقيقي الذي يحث قلوبنا على التوبة ويزرع فينا الرغبة في جعل حياتنا في اتفاق مع المسيح. إذا كانت كنيستنا تُقدِّم لنا كلمة الله كل أسبوع، وتدرس النص في سياقه بأمانة، وتسعى، ليس فقط إلى معرفة الله، ولكن إلى العلاقة معه أيضًا، فمن المحتمل أن نخرج بعد كل عظة بمستوى معين من الاقتناع، وهو حثُّ الروح القدس لإجراء تغييرات في حياتنا لنصبح أكثر شبهًا بربنا يسوع.

من المهم أن ندرك أن إنجيل يسوع المسيح يُبغِض طبيعتنا الخاطئة، وإذا فشلنا في غسل أنفسنا بالحق الكتابي بانتظام، فسوف نصبح أكثر عُرْضَة لأنصاف الحقائق ومساومات الشيطان. عندما ننسى كلمة الله ونفسِّر الإنجيل بالطريقة التي تُناسب ثقافتنا فقط، فنحن نقود الناس بعيدًا عن الله ونسمح لعقائد زائفة بالظهور.

إذا لم يتم الوعظ بالكتاب المقدس، فمن المؤكد أنه ليس أولوية. ابحث عن كنيسة تحب كلمة الله الحية وتُقدِّرها وتتعامل معها بجدية.

ثانياً:  يسوع هو مركز العبادة.

مثلما يقود الكتاب المقدس أنظارنا إلى ابن الله، هكذا ينبغي أن تفعل عبادة الكنيسة المحلية. عندما تجعل الكنيسة الترفيه عن المُتعبدين بها أولوية في خدماتها وأنشطتها، فهي بذلك تُشجِّعنا على التركيز على ما يُسِّرنا نحن بدلًا من التركيز على ما يُسِّر الله. ومن خلال التخطيط للخدمات التي تُقدَّم لإرضاء الحاضرين، أو حتى لجعل المسيحية تبدو “عصرية”، توجِّه الكنائس الناس، عن غير قصد، إلى التركيز على ذواتهم بدلاً من التركيز على المسيح، بل وقد يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، فتجعلهم يفسِّرون إنجيل يسوع المسيح بما يتناسب معهم.

لا حرج في تقديم الخدمات بشكل جيد. في الواقع، يجب علينا أن نقدم الخدمات في الكنيسة بشكلٍ جيد، كما هو مكتوب في كولوسي 3: 23 “وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ”، لكن يجب على الكنيسة المحلية، في سعيها للتميُّز في الموسيقى والطقوس الدينية والوعظ، أن تضع في مقدمة أولوياتها غرضًا وحيدًا وهو تمجيد الرب. ونحن، كأعضاء في الكنيسة، إذا وجدنا أنفسنا نتمتع بالترفيه، وبالناس الرائعين، وبالأنوار والأجواء، وخدمة الأطفال الرائعة، أو حتى بشخصية القس الساحرة، أكثر من تمتُّعِنا بحضور وإعلان يسوع، ينبغي أن نعرف أننا قد ضللنا الطريق. الكنيسة أيضًا، إذا أصبحت الكنيسة أكثر تركيزًا على رفع شأن هذه الأشياء بدلاً من رفع اسم المسيح، فقد ضلَّت بعيدًا عن المسار.

 

ثالثاً:  الشَرِكة والجماعة والتلمذة هي الأولويات.

من أبرز سمات الكنيسة الأولى هو التركيز على الشَرِكة والجماعة: “وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَات”ِ (أعمال الرسل 2: 42). لم يعتمد هؤلاء المؤمنون على الراعي لتسديد احتياجاتهم، ولم يتنقلوا بين الكنائس كل أسبوع سعيًا وراء أروع العِظَات في المدينة، كما لم يكتفوا بممارسة العبادة والتعليم معًا، بل كانوا يعيشون في شَرِكة مع بعضهم البعض؛ “كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا… وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ” (أعمال الرسل 2: 44، 46، 47).

ليس من المُفتَرَض أن نواجه تجارب واغراءات الحياة المسيحية بمفردنا، بل نحن مدعوون بالأحرى لكي “نَحْمِل بَعْضُنَا أَثْقَالَ بَعْضٍ” (اقرأ غلاطية 6: 2)، ونتناول الطعام معًا بابتهاج (اقرأ أعمال الرسل 2: 42، 46، 47)، ونأتي بمؤمنين جدد إلى الإيمان (اقرأ متى 28: 19). نحن مدعوون، مثل الكنيسة الأولى، إلى الاستثمار في حياة إخوتنا وأخواتنا في المسيح من خلال الالتزام بعلاقات حقيقية مع بعضنا البعض.

إذا كانت الكنيسة تتبع إرشادات الكتاب المقدس، فسيكون هناك تركيز طبيعي على الشركة التي محورها المسيح، وكسر الخُبز، والصلاة. لا ترضَى بالعلاقات السطحية؛ بل اسعَ وراء فرص الشَرِكة وكسر الخبر مع اخوتك وأخواتك في المسيح، كي تسلكوا معًا في الروح، وتنموا معًا لتصبحوا أكثر شبهًا بيسوع.

 

رابعاً: تشارك رسالة الإنجيل مع آخرين.

كانت وصية يسوع الأخيرة لتلاميذه أن “يَذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَيكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا”(مرقس 16: 15). يريدنا يسوع أن نشارك ببشارة موته وقيامته مع كل من يصغي إلينا. إذا كانت الكنيسة لا تركز على الإرساليات والكرازة، فسيكون من المناسب التشكيك في أهداف وأغراض خدمتها. إن إعلان صلاح ومجد الله الظاهران في الخلاص الذي يقدمه لكل العالم من خلال يسوع المسيح هو نبض قلب الكنيسة، وغاية الإنسان الرئيسية هي تمجيد الله والتمتُّع به إلى الأبد”.

لكن تذكَّر أن ارسالية كل كنيسة تختلف عن الأخرى. كما أوضح لنا يسوع في أعمال الرسل 1: 8، فإن الكنيسة الناجحة تبدأ ارساليتها بالمناطق الجغرافية المحيطة بها (“أورشليم”)، ثم تذهب لأبعد من ذلك عبر مناطق تأثير جماعة المؤمنين (“اليهودية والسامرة”)، ثم إلى الأمم (“أقاصي الأرض”) – سواء عن طريق زرع الكنائس أو دعم المُرسَلين. مهما كانت الطريقة التي تسعى بها الكنيسة إلى تتميم إرسالية المسيح العُظمى، يجب أن يكون لديها شغف واضح للوصول إلى كل ضال من أجل المسيح.

 

كلمة تحذيرية ودعوة للصلاة

بينما ستساعدنا سمات الكنيسة التي تؤمن بالكتاب المقدس على تحديد الكنيسة التي تطلب وجه الرب، يجب أن نتوخَّى الحذر من أن نتعامل مع هذه الدلالات الأربع بروح الناموس، فهدفنا ليس إيجاد الكنيسة المثالية التي تتفق مع معاييرنا، بل نحن بالأحرى نبحث عن كنيسة تُدرك احتياجها لنعمة الله التي لا تُمنح إلا من خلال الإيمان بدم يسوع المسيح الكفاري. نحن نسعى إلى كنيسة تُدرك أن نعمة الله وحدها هي التي تستطيع أن تُغيِّر شعبها، بشكل فردي وكجماعة، إلى صورة الرب من مجدٍ إلى مجد.

عندما تبحث عن كنيسة لكي تنتمي إليها، لا تُقلِّل أبدًا من قيمة الصلاة، واطلب من الله أن يجذبك  إلى جماعة مؤمنين تنمو معها في الإيمان وتخدم بمحبة. لذا ادرس كلمة الله، واطلب مشيئته، واطلب من الروح القدس أن يمنحك حُسن التمييز والحكمة في بحثك عن كنيسة تطلب فيها الله وتخدم الآخرين.