مؤهَّلون بالطاعة

‘‘…لِأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ ٱلْإِنْسَانُ. لِأَنَّ ٱلْإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْب’’ (1 صموئيل 16: 7)

عمِلَ نوح بتعليمات الله على مدى عقود لبناء الفُلك، ولم تكن هذه السفينة الضخمة مشروعًا صغيرًا، فهي كانت أطول من ملعب كرة قدم، وأعلى من مبنى بارتفاع أربعة طوابق، وقد اشتملت على طبقات عدَّة. لا بدَّ أن نوح شعر بالارتباك أمام فكرة بناء سفينة بهذه الضخامة في منطقة غير ساحليَّة، وهو تعرَّض للازدراء والسخرية على مدى أكثر من مئة عام على لسان جيران اتَّهموه بالجنون والهذيان، ولا بد أنَّه خصَّص ساعات طويلة وموارد طائلة لبناء الفلك على مرِّ السنين

لم يكن لدى نوح أي خبرة في مجال بناء السفن، فهو لم يكن بحَّارًا ولا حتَّى من سكَّان الساحل، فبدا الأقلّ أهليَّة لبناء الفُلك، ومع ذلك، اختاره الله، ليس لأنَّه كان يبحث عن خبير في الأعمال الحرفية، بل لأنَّه كان يطلب رجلًا أمينًا ومطيعًا. ويصف الكتاب المقدس نوح بأنَّه ‘‘كَانَ رَجُلًا بَارًّا كَامِلًا فِي أَجْيَالِهِ. وَبأنَّه سَارَ مَعَ ٱللهِ’’ (تكوين 6: 9). فالله لم يبحث عن الموهبة بل عن الطاعة

واليوم، ما زال الله يدعو مَن يسلكون بيننا بالإيمان ويمجدون ملكوته، حتى لو شعروا بأنَّهم غير مؤهَّلين للمهمَّة. وحين يدعونا الله للقيام بمهمة ما، فهو يجهزنا ويشدِّدنا لإنجازها إلى التمام. وهكذا، لم يكلِّف الله نوحًا بمشروع بناء الفلك بدون أن يقدِّم له المساعدة، فبالرغم من عدم تمتُّعه بأي خبرة في مجال بناء السفن، أعطاه الله التعليمات اللازمة لإنجاز الفُلك (تكوين 6: 14-16)، الذي يعتبره العديد من الخبراء السفينةَ الأكثر استقرارًا في التاريخ

إنَّ الخطط التي يعطينا إيَّاها الله هي تلك التي تؤدي إلى إعطائه المجد الأعظم. ربَّما يدعوك الله إلى القيام بمهمَّة تبدو مستعصية. ربَّما ينتابك الشعور الذي انتاب نوح وهو يحاول بناء فلك في وسط الصحراء بدون التمتُّع بخبرة في مجال بناء السفن وبدون أن يحظى بدعم من الآخرين. إذا قادك الله للقيام بمشروع أو عمل معيَّن، ثِق بأنَّه سيمنحك كلَّ ما تحتاج إليه لإنجازه

صلاة: يا رب، لا أشعر بأني مؤهل للعمل الذي دعوتني إليه، لكني أثق بأنَّك ستزوِّدني بكلِّ ما يلزم لإنجازه. امنحي قلب الخادم المطيع. أصلي باسم يسوع. آمين