أمين في المعركة
يناير 4, 2024
الاحتفال بمجيء الرب
يناير 6, 2024

مفارقات عيد الميلاد

فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللَّاهُوتِ جَسَدِيًّا… -كولوسي 2: 9

المفارقة عبارة عن تناقض واضح يخفي حقيقة عميقة، والكتاب المقدس مليء بالمفارقات. فنحن ننتصر من خلال الاستسلام لله أوَّلاً، ونجد الحرية عندما نصير عبيدًا للمسيح، ونصبح عظماء عندما نضع أنفسنا، ونصير حكماء عندما نكون جهَّالاً من أجل المسيح. في الواقع، لا يمكننا أن نعيش حقًا إلا إذا متنا عن أنفسنا

أمَّا المفارقة الأعظم في الكتاب المقدس برمَّته فتكمن في ميلاد يسوع المسيح. ففي الفترة التي وُلد فيها يسوع، كان أوغسطس قيصر أعظم حاكم في العالم، لكنَّه وبالرغم من سُلطته وثرواته الأرضية، كان مجرَّد إنسان عادي. عندما جاء الله إلى الأرض، لم يتربَّع على عرش أعظم إمبراطورية، بل وُلِد طفلاً فقيرًا وعاديًّا في مدينة بيت لحم، وفيما كان الحاكم الوثني، قيصر، في ذروة السُّلطة، كان الإله الرضيع، يسوع، مسكينًا ضعيفًا. كان قيصر أغنى رجل على وجه الأرض، فيما كان يسوع من الأكثر فقرًا. كان قيصر ينام في قصر روماني على سرير من ذهب مكسوٍّ بأجود أنوع الأقمشة، فيما كان يسوع طفلًا مقمَّطًا مضطجعًا في مذود

لكنَّ الثروة أو السُّلطة التي كان قيصر يمتلكها لا تساوي شيئًا مقارنةً بالمجد والبهاء اللذين تركهما يسوع في السماء؛ فهو احتمل ولادة بشرية أرضية لكي يحظى كلُّ مَن يتبعه بولادة روحية سماوية. وُلِد يسوع ضمن عائلة بشرية لكي يضمَّ كلَّ مَن يحبُّه إلى عائلته السماوية

تعرَّض الطفل يسوع للملاحقة بإيعازٍ من الملك هيرودس القاسي والشرير حين أمَرَ بذبح جميع الأطفال الذكور الذين تقلُّ أعمارهم عن السنتَين في مدينة بيت لحم، بهدف التخلُّص من تهديد ‘‘المولود ملك اليهود‘‘ (متى 2: 1-18). وبالرغم من ذلك كلِّه، وُلد الطفل الذي أمَرَ هيرودس بقتله، ودمَّر أصل كل هذه الشرور، وهو الشيطان

يمكننا استخلاص العِبَر من مفارقات عيد الميلاد، وهي أنَّه لا يجوز أن نحكم على المظاهر لأنَّ الله خبَّأ أعظم عطاياه في إناء متواضع

صلاة: أبي السماوي، أشكرك من أجل مفارقات قصَّة الميلاد، ومن أجل كلِّ ما تعلِّمنا إيَّاه بطرقك العجيبة. أشكرك من أجل الإناء المتواضع الذي غيَّر حياتي. أصلي باسم يسوع. آمين