تحبّ الله من كلِّ مخيِّلتك

تحبّ الله من كلّ قلبك
مايو 13, 2023
تحبُّ الله من كلِّ ذاكرتك
مايو 15, 2023

تحبّ الله من كلِّ مخيِّلتك

‘‘فَتَفَكَّرُوا فِي ٱلَّذِي ٱحْتَمَلَ مِنَ ٱلْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلَّا تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ’’ (عبرانيين 12: 3).

اقرأ عبرانيين 12: 1-3

لا يعني وجود إنجيل حقيقي واحد أنَّ جميع الناس سيستجيبون لبشرى يسوع السارة بالطريقة نفسها، فثمَّة أناس يتجاوبون مع محبَّة الله فيما يتجاوب آخرون مع دينونته. فضلًا عن ذلك، يعبِّر الناس عن محبَّتهم لله بطرق عدَّة، فالله، بإبداعه اللامتناهي، نسج كلَّ واحد منَّا بطريقة مختلفة، لذا، يجب ألَّا نتفاجأ.

نحن نصادف أناسًا يحبُّون الله بطبيعتهم من كلِّ فكرهم، فيقرأون الكتاب المقدس ويتعاطون مع الله من خلال المنطق والتحليل المفصَّل للنص، وهذا أمر رائع، لكن يصعب عليهم أن يحبُّوا الله بمخيِّلتهم ونفسهم، يصعب عليهم تصوُّر العمل الذي صنعه يسوع على الصليب من أجلهم، لأنَّهم يخشون الانجراف وراء المشاعر، لكنَّ الله يريد أن نحبَّه بكلِّ ذرَّة من كياننا.

عندما أفكِّر في يسوع، أتخيَّله في بستان جثسيماني حيث كان عرقه يتصبَّب كقطرات دم، وهذه ظاهرة نادرة تحدث تحت تأثير الضغوطات التي لا تُحتَمل. وأستطيع أن أرى كيف أنَّه اجتاز في اليوم التالي مسافة نحو أربع كيلومترات في محطَّات الصَّلْب على طريق الجلجثة، وهو فعل هذا كلَّه من أجلي.

وكانت جرت العادة لدى الرومان أن يعرُّوا المحكوم عليه من ملابسه وأن يوثقوا يديه فوق رأسه على عمود مستقيم. وكانوا يبادرون إلى جَلد الظهر والأرداف والساقين أوَّلًا. بهذه الطريقة، مزَّقوا جسد يسوع، وربَّما كانت بعض الندوب عميقة جدًّا لدرجة أنَّها كشفت عن أعضائه. وهو تحمَّل ذلك العقاب من أجلي.

وفي مرحلة الصَّلب، كان يُصار إلى تثبيت عمود خشبي يبلغ وزنه نحو تسعين كيلوغرامًا على الأرض، لكن المحكوم عليه كان يحمل عارضة أفقية يبلغ وزنها نحو خمسين كيلوغرامًا. إنَّ خالق غابات العالم كلِّها حمل تلك الخشبة، وهو صنع ذلك من أجلي. وفي المرحلة الأخيرة، سُمِّر يسوع على الصليب، وعانى آلامًا لا توصف، وتحمَّل غضب الله عوضًا عني. هكذا مات يسوع من أجلي.

يا صديقي، لا يتعلَّق التأمُّل المسيحي بإفراغ أذهاننا من أي أفكار ومشتِّتات، كما يفعل البوذيون وأبناء تيار العصر الجديد، ومن ثمَّ التركيز على أي فكرة تراود أذهاننا بعد ذلك، بل هو يتعلَّق بملء أذهاننا بمحبَّة يسوع التي لا مثيل لها، وبتجريد أنفسنا من عبادة الذات، وبملئها بذاك الذي بذل نفسه من أجلنا.

صلاة: يا رب، أشكرك لأنَّك بذلت نفسك من أجلي. أنت لم تبخل بذاتك، بل أخليت نفسك لتخلِّصني. ساعدني أن أكرِّس نفسي لك بالكامل، قلبًا وذهنًا ونفسًا. أصلي باسم يسوع. آمين.