الأب والابن الأصغر
أغسطس 15, 2023
المعرفة مقابل الحكمة
أغسطس 17, 2023

الأب والابن البكر

اقرأ لوقا 15: 25-32

‘‘يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لِأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالًّا فَوُجِدَ’’ (لوقا 15: 31-32)

يبدو لأي مراقب خارجي أنَّ الابن البكر يحبّ أباه، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، فهو كان شابًا متزمِّتًا، مطيعًا ظاهريًّا، فيما قلبه بعيد عن أبيه. كان يُفترض به الاحتفال لدى عودة أخيه الصغير تائبًا، لكنَّه رفض الدخول إلى البيت للترحيب به وامتنع عن حضور الحفلة المقامة على شرفه، متمرَّدًا بذلك على قلب أبيه، تحت ستار ما يُعرف ب‘‘البرّ’’

فَهِمَ الفريسيون المستمعون إلى المثل الذي أعطاه يسوع أنَّه يصف حالهم. وللتذكير، بدأ يسوع يخبر هذه القصَّة عندما راح الفريسيون والكتبة يتذمَّرون عليه لأنَّه يقبل الخطاة والعشَّارين ويجلس معهم (عدد 1-2). وبدلًا من الاحتفال بانجذاب هؤلاء إلى يسوع، راحوا يشتكون ويدمدمون. فأوضح لهم يسوع بأسلوب غير مباشر أنَّ تصرُّفاتهم لا تختلف عن تصرُّفات الابن الأكبر

كان الابن البكر، في ثقافة تلك الأيَّام، يترأَّس احتفالات العائلة كلَّها، وهو كان المضيف الرئيسي الذي يرحِّب بالضيوف. نرى في هذا المثل أنَّ الابن الأكبر لم يخذل أباه فحسب نتيجة رفضه أداء مسؤوليَّاته، لكنَّه أراد إثارة فضيحة أيضًا، ما اضطرّ الأب إلى الخروج من البيت تاركًا ضيوفه ليكلِّمه. لم يكن هذا التصرف يحدث أبدًا في تلك الأيام، لما فيه من إهانة للأب

تواضع الأب مرَّتين في يوم واحد من أجل ابنَيه، عندما ركض لملاقاة ابنه الأصغر، وعندما ترك ضيوفه في البيت وخرج ليبحث عن ابنه الأكبر في الحقل. فكلَّفه التصرُّفان ثمنًا باهظًا، لكنَّه كان مستعدًّا لتحمُّل الذلّ من أجل ابنيه الحبيبين

إذا فهمتم أنَّ الابن الأصغر المتمرِّد يرمز إلى الأمم الذين كانوا بعيدين عن الله، وأنَّ الابن الأكبر يرمز إلى الشعب اليهودي الذي كان ملتزمًا بالعهد القديم والشريعة، عندئذٍ، تتَّخذ تصرُّفات الأب معنى مختلفًا تمامًا. فالله تواضع في المسيح حتى الموت على الصليب من أجل اليهود والأمم، وتحمَّل يسوع الذلّ على يد الأشرار من أجلك ومن أجلي

لم يخبر يسوع نهاية القصَّة، بل تركها مفتوحة، لكنَّكم تجدون الخاتمة الكبرى بين ذراعَي يسوع المفتوحتين على مصراعَيهما على الصليب. وهو يدعو الجميع إلى الإقبال إليه لنيل الخلاص

صلاة: يا رب، ما أروع محبَّتك! ساعدني أن أعيش في فرحة الإدراك أنَّ باستطاعتي الارتماء بأمان بين ذراعيك بفضل دم المسيح. أتوق إلى العيش لك بعد اختبار حريتك وفرحك في حياتي. أصلي باسم يسوع